وصف المدون

إعلان الرئيسية


في إمارة الجوف الممتدة حتى حدود الأردن شمال السعودية، تقع تلك المدينة الوادعة الهادئة، مدينة سكاكا، التي كُتب في صفحات تاريخي أنني أمضيت بها 10 أعوام تقريبا، كان لي فيها من التجارب ما يعادل عمرا بأكمله، ومن الذكريات ما سيبقى ذخرا لي حتى نهاية العمر، وقد شرفت بالتعرف على خيرة أهل تلك المنطقة من قبائل كثيرة، الشمري..العنزي..الفهيقي..الشراري وغيرها كثير من الأفخاذ ممن لا يحضرني ذكرهم حاليا ولهم في قلبي كل المعزة والتقدير.

وعلى مشارف صحراء النفوذ، تتربع سكاكا المدينة الصاعدة الواعدة، عاصمة الشمال، تحيط بها الرمال الذهبية فتضفي لها سحرا لا يقاوم، فطبيعة الصحراء خلابة لا يعرفها إلا من كان بها خبيرا، لذلك أولع أهل تلك المناطق بالبر والتخييم هناك، وكنت حين تضيق بي الدنيا أفر إلى بعض الكثبان الرملية على الطريق، فتُسلب مني كل تلك الهموم والضيق، وأتأمل السماء الزرقاء والرمال الصفراء في مزيج سبحان من ركبه، لا تمل من النظر إليه والتأمل فيه.
صورة من بعض الكثبان الصحراوية الممتدة على أطراف سكاكا 

هدوء..رتابة محببة..تطور عمراني وحضاري هادئ..ملامح تراثية جميلة، تلك ميزات سكاكا برأيي، فتجد فيها الحداثة وتجد فيها عبق الماضي في بعض الأحياء القديمة كحي المعاقلة وحي الضلع مثلا ومنطقة السوق القديم، وما زالت بعض البيوت القديمة موجودة وكنت ألمحها عند مروري في شارع الهذال من دوار الصياني (الكرم) كما يسمى إلى شارع الحزام، وفي الطريق أيضا قلعة زعبل التاريخية الأثرية التي تزين صورتها واجهة مدونتي هذه وبئر سيسرا الأثري، وعلى الطريق الإقليمي هناك كثير من ملامح التطور العمراني التي ذكرتها وهناك المزيد في الطريق، برج الكايد أهمها، عدا عن المولات والأسواق التجارية الضخمة التي فتحت هنا وهناك.

أمانة الجوف، لم تدخر وسعا في خدمة أهل سكاكا، منتزهات كثيرة مجهزة بالمرافق الصحية لخدمة العائلات كالموجود في منطقة المويشير مثلا، حيث المساحات الخضراء المجانية يجلس فيها الكبار وينطلق الأطفال للألعاب، مناطق فيها أدوات للتمارين الرياضية مجانا أيضا، فصحتك أهم من أي شيء، يكفيك فقط جهد الوصول لتلك المرافق في الساحات العامة، تنظيف مستمر للشوارع بأحدث الآليات، سفلتة الطرق، وأعمال الصيانة للطرق بشكل مستمر، هذا كله من شأنه تسهيل حياة المواطنين والمقيمين في تلك البقعة الجميلة، بحيث تصبح تلك الرتابة اليومية محببة وإن بدا على محيانا بعض الانزعاج أحيانا من أعمال الصيانة والحفريات التي هي لخدمة الناس أولا وأخيرا.

في آخر أيامي هناك، حرصت على التجول والاستزادة من الصور والذكريات لكي أهرب لها لاحقا، فالذكريات ملاذ للإنسان أحيانا ليهرب من قسوة الواقع، فالعيش في سكاكا أزعم أنه ليس كالعيش في غيرها، فقد جمعت من الميزات الكثير، فهي مدينة وليس بها صخب المدن، تربط مدنا كثيرا ببعضها البعض وتقع على طريق رئيسي للمسافرين من دول الخليج للأردن، الذهاب لمكة والمدينة منها سهل وممتع رغم تعب الطريق وطول المسافة من سكاكا إلى حائل ثم المدينة مكة، سكاكا قريبة من وطننا الأم، عدة ساعات كافية لتقطع 400 كم هي المسافة بين سكاكا والحديثة وبعدها الحدود الأردنية، مرورا ببعض مدن إمارة الجوف كدومة الجندل وطبرجل والعيساوية والقريات، وكلها مدن جميلة في كل مرة أمر فيها عليها أجد شيئا مختلفا ومميزا، وربما الآن وقت كتابة هذه السطور ندمت لأني لم أذهب لزيارة بعض المعالم والتقاط الصور فيها، وأرجو أن تكون لي زيارة قريبة أحيي بها تلك الذكريات، وألمس مدى التطور الذي أجزم أنه أضاف الكثير للمدينة، ونلتقي بالغانمين هناك.
التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

يسرنا ترك ملاحظاتكم وتعليقاتكم على هذه المقالة، مع وضع الاسم ورابط للتواصل معكم في حالة الرغبة برد، أو التواصل معنا عبر صفحة اتصل بنا.

Back to top button